Wednesday, May 7, 2014

تخريج الحديث النبوى ودراسة الأسانيد


الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمةً للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ثم أما بعد:
أهمية التخريج ودراسة الأسانيد 
وفضل الشيخ الألبانى فى تنقية السنة النبوية

إن علم التخريج ودراسة أسانيد حديث نبينا المعصوم صلى الله عليه وسلم لمن أشد ما يحتاج إليه الناس في هذا العصر بعد أن قل الحفظ والاهتمام بحديث النبى صلى الله عليه وسلم وانتشرت الأحاديث الضعيفة والمكذوبة على نبينا صلى الله عليه وسلم وتكلم فى الأمر كل صاحب لسان وتجرأ على السُنْةِ كثير من مشاهير العلماء فنسبوا إليها ما ليس منها وأنكروا وردوا أصح الأحاديث وأشهرها.

وقد كان من المهتمين والغيورين على هذه القضية شيخنا الجليل الشيخ الألبانى رحمه الله تعالى رحمةً واسعة فجهوده في هذا المضمار معلومة ومعروفة وغنية عن البيان نسأل الله أن يجزيه عن المسلمين الجنة فقد بذل جهداً في فترة زمنية لم ينهض به أحدٌ مثلُهُ، وإن كان هناك من يتعقب الشيخ رحمه الله في بعض أحكامه على بعض الأحاديث فإن عمله في جملته عظيماً جليلاً فقد دفعه لبذل هذا الجهد أنه وجد الناس يتناولون ويتناقلون أحاديث ضعيفة ومكذوبة ويُفتون الناس على أساسها فرفع رحمه الله شعار تنقية السنة النبوية المطهرة مما علق بها من الضعيف والمكذوب ورد الأمة إلى صحيح سنة نبيها صلى الله عليه وسلم، وهو رحمه الله تعالى رحمة واسعة بعمله هذا يكون قد سن سنة حسنة له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة فكل من حمل هذا اللواء بعد الشيخ الألبانى وبذل الجهود من أجل رد الأمة إلى صحيح سنة نبيها صلى الله عليه وسلم استن بما سنه الألبانى رحمه الله. 

فقبله لم يكن الناس يعتنون بصحيح الحديث من سقيمه حتى الكثير من أهل العلم خصوصا من كان منهم غير لصيق بعلم الحديث المشتغلين بالفقهيات أو المواعظ وغيرها، فكثير من كتب الفقه تمتلئ بأحاديث لا تصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بل يوجد في كتب الفقهاء أحاديث ليس لها أصل يستدلون بها في أحكام شرعية في الحلال والحرام وينسبون الحكم لشريعة الله عز وجل وينسبون الحديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ليس بحديثٍ أصلاً، وهذا نراه واضحاً في بعض الكتب التي خرجت أحاديث تلك المذاهب الفقهية، وعلى سبيل المثال لا الحصر:
 
كتاب البدر المُنير لابن المُلَقِن: 
الكتاب: البدر المنير في تخريج الأحاديث والأثار الواقعة في الشرح الكبير
المؤلف: ابن الملقن سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد الشافعي المصري (المتوفى: 804هـ)
المحقق: مصطفى أبو الغيط وعبد الله بن سليمان وياسر بن كمال
الناشر: دار الهجرة للنشر والتوزيع -الرياض-السعودية
الطبعة: الاولى، 1425هـ-2004م

عدد الأجزاء: 9
أو في تلخيص البدر المُنير (التلخيص الحبير للحافظ ابن حجر)

 
فلنتأمل في الكتاب لنرى بعض الأحاديث التي يستدل بها بعض فقهاء الشافعية مع العلم أن الشافعية هم أسعد المذاهب بالعناية بالسنة، فعلماء الشافعية هم أكثر من خدم السنة، فإذا وقع هذا المذهب في أحاديث لا تُروى عن النبى صلى الله عليه وسلم بأى بسند ولا ندرى كيف جاءتهم ودخلت في هذه الكتب حتى أصبحت حديثاً يُروى عن النبى صلى الله عليه وسلم، ولا نتكلم هنا عن حديثٍ موضوع، فإن الحديث الموضوع له إسناد، بل نحن هنا نتحدث عن حديث بلا إسناد أصلاً حتى نعرف من خلاله أن الحديث موضوع بسبب أن فيه راوياً كذاباً مثلاً، ولكنها أحاديث ليس لها إسناد البتة فلم يروها أحدٌ من أصحاب الكتب الحديثية ومع ذلك تجدها في كتب الحلال والحرام لفقهاء يوقعون عن الله عز وجل وهذه بلية من البلايا التي دفعت علماء الأمة لأن ينهضوا لهذه المهمة، لذا وجب علينا أن نذكر للشيخ الألبانى رحمه الله تعالى أنه كان مجدداً للأمة في هذه الجزئية الجليلة والتي هي التنبيه على خطورة الأحاديث التي تُنسبُ إلى النبى صلى الله عليه وسلم ولا تصح نسبتها إليه. 

وكذلك لا يفوتنا التنبيه على غلط بعض الأئمة الذين حكموا على أحاديث بالصحة أو الحُسن وهى ليست كذلك مثلما نجده عند الشيخ الألبانى رحمه الله تعالى في صحيح الجامع وضعيف الجامع ( الجامع والجامع الصغير للسيوطى ) فإن السيوطى رحمه الله تعالى حكم على أحاديث الكتاب بأحكام فمنها أحاديث ضعيفة ومنها أحاديث حسنة ومنها أحاديث صحيحة ( فإن السيوطى يرى أنه صان كتابه هذا عن ما تفرد به كذابٌ أو وضاع هكذا قال رحمه الله في مقدمته) وأورد السيوطى بعض الأحاديث التي يرى أنها ضعيفة والضعيف يمكن أن يتقوى بمجموع الطرق أو يمكن أن يُعمل به في فضائل الأعمال على مذهب بعض أهل العلم،فتخفف السيوطى رحمه الله في إيراد بعض الأحاديث الضعيفة لهذه الأسباب، ولما جاء الشيخ الألبانى رحمه الله وجد أن الكثير من هذه الأحاديث الضعيفة منها ما هو موضوع، مكذوب على النبى صلى الله عليه وسلم أو شديد الضعف فلا يمكن أن يُتساهل في روايته وهو قريب من الموضوع ثم بعد ذلك حتى الأحاديث الصحيحة والحسنة عند السيوطى تعقبها الشيخ الألبانى عليه، وبين الألبانى رحمه الله أنها لا تصح فهى إما ضعيفة أو ضعيفة جداً أو حتى موضوعة، فقسم الكتاب إلى قسمين: وجعل الأحاديث التي لا تصح بغض النظر عن درجة ضعفها والتي قد تصل إلى الوضع أو شدة الضعف أو ضعيفة فقط وجعلها في قسم مستقل، وأما الأحاديث التي رأى الشيخ الألبانى أنها صحيحة أو حسنة جعلها في قسم آخر.

ورغم ذلك فإن الشيخ الألبانى قد حصل عليه تعقبات في تخريجه ولا غرابة في ذلك فهو مجتهد كما اجتهد السيوطى رحمهما الله وهما في ذلك مثل أن يجتهد الحافظ ابن حجر أو العراقى أو الذهبى أو ابن كثير أو غيرهم من العلماء.
فإن الكثير من الأحاديث التي يحكم عليها الشيخ الألبانى بالصحة أو الحسن ثم يُتعقبُ عليها نرى أن هناك من حكم عليها بنفس حكمه أو خالفه والأمر يرجع إلى الأسباب التي جعلت أحكامهم على هذه الأحاديث بهذه المثابة وهي مرحلة متقدمة جداً من هذا العلم النفيس. وجُل ما يهمنا هنا التأكيد على التفريق بين تخريج الحديث والحكم على الحديث فلا تلازم بينهما فيمكنك تخريج الحديث دون الحكم عليه، وإن أردنا الحكم على الحديث فينبغى لنا أن ننظر في أحكام الأئمة على الحديث وبفضل الله صارت هذه المسألة سهلة وميسورة في بعض المواقع ومنها موقع الدرر السنية.

No comments:

Post a Comment