Sunday, September 28, 2014

طرق تخريج الحديث النبوى الشريف

الطّرق الخمسة لتخريج الحديث النّبوي الشّريف
وطرق التخريج الخمسة تنقسم إلى قسمين
إما عن طريق الإسناد أو عن طريق المتن


  • أما الطريقة الأولى: فعن طريق الراوى الأعلى والمقصود بالراوى الأعلى هو صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضى الله عنهم. أي أننا عن طريق معرفة الصحابى راوى الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم نستطيع أن نقوم بتخريج الحديث من كتب الحديث التي بوبها أصحابها على أسماء الصحابة.
  • ونادراً ما يكون الراوى الأعلى ليس هو الصحابى وإنما يكون هو الشيخ أي شيخ صاحب الكتاب مثل معجم الطبراني الأوسط ومعجم الطبراني الصغير،
  • {أما معجم الطبرانى الكبير وهو يقع في 25 مجلد وقد حققه الشيخ حمدى عبد المجيد السلفى رحمه الله وهذا الكتاب ناقص مسند عبد الله بن عمر وبعض الصحابة ليس موجوداً والكتاب يُعرف بكل صحابى تعريفاً موجزاً من حيث اسمه ونسبه وما إلى ذلك}
  • والكتب التي تبوب على الراوى الأعلى على نوعين: أصلية وفرعية
  • وهذه الطريقة نلجاً إليها حينما نعرف اسم الصحابي الذي روى هذا الحديث. وعند تخريجنا بهذه الطريقة نستفيد من مجموعة من الكتب وهي: المسانيد، والمسانيد هي الكتب التي تجمع أحاديث مسند كل صحابي على حدة. مثل مسند أحمد والحميدي، والطيالسي، وأبي يعلى. وكذلك معجم الطبراني الكبير فهو مرتب على حروف المعاجم. وكذلك كتب الأطراف مثل تحفة الأشراف، وإتحاف المهرة وكذا المسند الجامع وجامع المسانيد.
  • الطريقة الثانية: عن طريق صفةٍ في الإسناد بمعنى أن هناك بعض الكتب التي جمعت الأحاديث المُرسلة أو الأحاديث المُدرجة أو الأحاديث المقلوبة أو روايات الأقران (وما روى كل قرين عن أخه مدبج فاعرفه حقاً وانتخه) وهو من المنظومة البيقونية وهي من 34 بيت سهلة الحفظ. يقول المواردى في أدب الدنيا والدين: "ولا علاقة للحفظ بالسن وإنما هي كثرة المشاغل والهموم"
  • ولقد طلب أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم العلم على كبر وكانوا خير طلاب علم على وجه الأرض وعلى مر الأزمان.
  • قال ابن عساكر رحمه الله تعالى في تاريخ دمشق في ترجمة ابن عباس رضى الله عنهما: "إنما يحفظ الرجل على قدر نيته"
  •  إذاً فهذه الطريقة تكون عن طريق النظر إلى نوع الحديث فإذا كان الحديث مرسلاً. بحثنا عنه في كتب المراسيل. وإذا كان متواتراً بحثنا عنه في الكتب المتخصصة في ذلك. وإذا كان مشتهراً على ألسنة الناس نبحث عنه في المقاصد الحسنة وكشف الخفاء. وإذا كان الحديث من أحاديث الأحكام نبحث عنه في الكتب التي تعتني في هذا. مثل إرواء الغليل والتلخيص الحبير. ونصب الراية. وإذا كان الحديث من أحاديث التفسير يبحث عنه في كتب التفاسير المسندة مثل تفسير الطبري، وابن أبي حاتم، والبغوي، وكتب الواحدي.
  • أما الطريقة الثالثة: فهي عن طريق معرفة أول لفظ من متن الحديث. وهذه طريقة نلجأ إليها حينما نعرف أول متن الحديث. وأفضل كتاب لهذه الطريقة هو كتاب موسوعة أطراف الحديث. وكذلك الكتب التي فيها فهارس والكتب المطبوعة حديثاً. وهناك كثير من الكتب ألفت مرتبة على الفهارس المعجمية مثل صحيح الجامع الصغير، وضعيف الجامع الصغير، والمقاصد الحسنة. وكشف الخفاء.
  • أما الطريقة الرابعة: فهي عن طريق معرفة كلمة مشتقة من فعل ثلاثي. مثل ((إنما الأعمال بالنيات)) فالأعمال أصلها ((عمل)) والنيات أصلها ((نوى)) ونستعين على هذه الطريقة بفهارس صحيح مسلم للمرصفي. والمعجم المفهرس لألفاظ الحديث لونسك، ولمسند أبي يعلى لحسين سليم أسد فهرس في مجلدين.
  • أما الطريقة الخامسة: فهي عن طريق معرفة موضوع الحديث. وهو أن نبحث عن الحديث في بابه الفقهي. ونلجأ إليها بالكتب المؤلفة على هذه الطريقة. مثل الجوامع والمستخرجات والمستدركات والسنن. وأحسن شيء لهذه الطريقة. الرجوع لكتب شملت عدة كتب. مثل جامع الأصول، ومجمع الزوائد والمطالب العالية.
  • وهناك طريقة سادسة جديدة وهي عن طريق برامج الحاسب الآلى مثل:
  • حارف ــ الشاملة ــ الدرر السنية ــ الجامع الكبير.
وبعد الانتهاء من تخريج الحديثٍ: يتبقى لنا معرفة الحكم عليه؛ فيجب على المسلم ألا يعمل بالحديث أو يرويه حتى يعرف درجة صحته ونحن بالطبع نبحث عن حكم المتقدمين فإذا كان الحديث في الصحيحين، أو في أحدهما، فهو صحيح. وما دون ذلك يُبحث عن أقوال أهل العلم في تصحيح الأحاديث وتعليلها. من ذلك كتب العلل. وكتب التخريج القديمة. وبعض الكتب التي شملت أحكاماً مثل جامع الترمذي، وسنن الدارقطني. أما إذا لم نجد لأهل العلم تصحيحاً ولا تضعيفاً في ذلك الحديث المبحوث عنه. فنعمل قواعد الجرح والتعديل وقواعد المصطلح. وهو أمر صعب. نحن نعلم أن شروط صحة الحديث الاتصال، والعدالة والضبط وعدم الشذوذ وعدم العلة. فإذا تخلف شرط من هذه الشروط عن الحديث فالحديث ضعيف. والشروط الثلاثة الأولى تكون في الإسناد ونستطيع أن نبحث عنها بمراجعة كتب الرجال. أما الشرطان الأخيران فهما يحتاجان إلى الحفظ. ولمعرفة عدالة الراوي وضبطه ومن المراجع المفيدة في ذلك: تهذيب الكمال، وميزان الاعتدال، والتقريب، وغيرها من كتب الرجال.
ويكون الحكم على الأسانيد على النحو الآتي:
أولاً: إسناده صحيح، إذا كان السند متصلاً بالرواة الثقات، أو فيه من هو صدوق حسن الحديث وقد توبع فهو يشمل السند الصحيح لذاته والسند الصحيح لغيره.
ثانياً: إسناده حسن إذا كان في السند من هو أدنى من رتبة الثقة وهو الصدوق الحسن الحديث ولم يُتابع، أو كان فيه ((الضعيف المعتبر به)) أو ((المقبول)) أو ((اللين الحديث)) أو ((السيئ الحفظ)) ومن وصف بأنه ((ليس بالقوي)) أو ((يكتب حديثه وإن كان فيه ضعف))، إذ تابعه من هو بدرجته أو أعلى منـزلة منه، فهو يشمل السند الحسن لذاته والحسن لغيره.
ثالثاً: إسناده ضعيف إذا كان في السند من وصف بالضعف، أو نحوه ويدخل فيه: المنقطع، والمعضل، والمرسل، والمدلس.
رابعاً: إسناده ضعيف جداً، إذا كان في السند أحد المتروكين أو من اتهم بالكذب.

الإسناد وأهميته فى دين الله عز وجل

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى أما بعد..


فان الله عز وجل ابتعث محمدًا صلى الله عليه وسلم رسولاً إلى الناس كافه وأنزل عليه الكتاب تبياناً لكل شيء وجعله موضع الإبانة عنه فقال عز وجل: (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) وقال عز وجل وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه) فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المُبين عن الله عز وجل أمرِه وعن كتابه معاني ما خوطب به الناس وما أراد الله عز وجل به وعني فيه وما شرع من معاني دينه وأحكامه وفرائِضِهِ وموجباته وآدابه ومندوبه وسننه التي سنها وأحكامه التي حكم بها وآثاره التي بثها فلبث صلى الله عليه وسلم بمكة والمدينة ثلاثاً وعشرين سنه يقيم للناس معالم الدين يفرض الفرائض ويسن السنن ويُمضي الأحكام ويحرم الحرام ويحل الحلال ويقيم الناس على منهاج الحق بالقول والفعل فلم يزل على ذلك حتى توفاه الله عز وجل وقبضه إليه صلى الله عليه وسلم وعلى آله أفضل صلاه وأزكاها وأكملها وأذكاها وأتمها وأوفاها فثبت عليه الصلاة والسلام حجة الله عز وجل على خلقه بما أدى عنه وبين ما دل عليه من مُحكمِ كتابه ومتشابهه وخاصه وعامه وناسخه ومنسوخه وما بشر وأنذر قال الله عز وجل: (رسلاً مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجه بعد الرسل).

فكيف السبيل إلى معرفه ما ذُكر من معاني كتاب الله عز وجل ومعالم دينه؟  والجواب: بالآثار الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه النجباء الذين شهدوا التنزيل وعرفوا التأويل رضى الله تعالى عنهم، ولكن كيف تُعرف الآثار الصحيحة والسقيمة؟ ذلك يكون بنقد العلماء الجهابذة الذين خصهم الله عز وجل بهذه الفضيلة ورزقهم هذه المعرفة في كل دهر وزمان. 

التمييز بين الرواة
فبما أنه لا سبيل إلى معرفه شيء من معاني كتاب الله ولا من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من جهة النقل والرواية فقد وجب أن نُميز بين عدول الناقلة والرواة وثقاتهم وأهل الحفظ والثبت والإتقان منهم وبين أهل الغفلة والوهم وسوء الحفظ والكذب واختراع الأحاديث الكاذبة ولما كان الدين هو الذي جاءنا عن الله عز وجل وعن رسوله صلى الله عليه وسلم بنقل الرواة حق علينا معرفتهم ووجب الفحص عن الناقلة والبحث عن أحوالهم واثبات الذين عرفناهم بشروط العدالة والثبت في الرواية مما يقتضيه حكم العدالة في نقل الحديث وروايته بأن يكونوا أمناء في أنفسهم علماء بدينهم أهل ورع وتقوى وحفظ للحديث واتقان به وتثبت فيه وأن يكونوا أهل تمييز وتحصيل لا يشوبهم كثير من الغفلات ولا تغلب عليهم الأوهام فيما قد حفظوه ووعوه ولا يشبه عليهم بالأخطاء وأن يعزل عنهم الذين جرحهم أهل العدالة وكشفوا لنا عن عوراتهم في كذبهم وما كان يعتريهم من غالب الغفلة وسوء الحفظ وكثره الغلط والسهو والاشتباه ليعرف به أدله هذا الدين وأعلامه وأمناء الله في أرضه على كتابه وسنه رسوله صلى الله عليه وسلم وهم هؤلاء أهل العدالة فيتمسك بالذي رووه ويعتمد عليه ويحكم به وتجري أمور الدين عليه وليعرف أهل الكذب تخرصا وأهل الكذب وهما وأهل الغفلة والنسيان والغلط ورداءه الحفظ فيكشف عن حالهم وينبأ عن الوجوه التي كان مجرى روايتهم عليها إن كذب فكذب وإن وهم فوهم وإن غلط فغلط وهؤلاء هم أهل الجرح فيسقط حديث من وجب منهم ان يسقط حديثه ولا يُعبأ به ولا يُعمل عليه ويكتب حديث من وجب كتابة حديثه منهم. 

طبقات الرواة
ثم تبين الاحتياج إلى بيان طبقات الرواة ومقادير حالاتهم وتباين درجاتهم ليعرف من كان منهم في منزله الانتقاد والجهبذة والتنقيب والبحث عن الرجال والمعرفة بهم وهؤلاء هم أهل التزكية والتعديل والجرح ويعرف من كان منهم عدلاً في نفسه من أهل الثبت في الحديث والحفظ له والإتقان فيه فهؤلاء هم أهل العدالة ومنهم الصدوق في روايته الورع في دينه الثبت الذي يهم أحيانا وقد قبله الجهابذة النقاد فهذا يحتج بحديثه أيضا ومنهم الصدوق الورع المغفل الغالب عليه الوهم والخطأ والسهو والغلط فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب والزهد والآداب ولا يحتج بحديثه في الحلال والحرام ومنهم من قد الصق نفسه بهم ودلسها بينهم ممن قد ظهر للنقاد العلماء بالرجال منهم الكذب فهذا يُترك حديثه وتُطرح روايته ويسقط ولا يشتغل به. 

الصحابة رضوان الله تعالى عليهم جميعاً
فأما أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم فهم الذين شهدوا الوحي والتنزيل وعرفوا التفسير والتأويل وهم الذين اختارهم الله عز وجل لصحبه نبيه صلى الله عليه وسلم ونصرته وإقامة دينه وإظهار حقه فرضيهم له صحابةً وجعلهم لنا أعلاماً وقدوة فحفظوا عنه صلى الله عليه وسلم ما بلغهم عن الله عز وجل وما سن وشرع وحكم وقضى وندب وأمر ونهى وحظر وأدب ووعوه واتقنوه ففقهوا في الدين وعلموا أمر الله ونهيه ومراده بمعاينه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشاهدتهم منه تفسير الكتاب وتأويله وتلقفهم منه واستنباطهم عنه فشرفهم الله عز وجل بما من عليهم وأكرمهم به من وضعه إياهم موضع القدوة فنفى عنهم الشك والكذب والغلط والريبة والغمز وسماهم عدول الأمة فقال عز ذكره في محكم كتابه وكذلك جعلناكم أمةً وسطاً لتكونوا شهداء على الناس ففسر النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز ذكره قوله وسطاً: فقال: (عدلاً) فكانوا عدول الأمة وأئمة الهدى وحجج الدين ونقلة الكتاب والسنه وندب الله عز وجل الى التمسك بهديهم والجري على منهاجهم والسلوك لسبيلهم والاقتداء بهم فقال: وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً [النساء : 115]
 ووجدنا النبي صلى الله عليه وسلم قد حض على التبليغ عنه في أخبار كثيرة ووجدناه يخاطب أصحابه فيها فمنها أن دعا لهم فقال: (نضر الله امرأ سمع مقالتي فحفظها ووعاها حتى يبلغها غيره) وقال صلى الله عليه وسلم في خطبته: (فليبلغ الشاهد منكم الغائب) وقال: (بلغوا عني ولو آيه وحدثوا عني ولا حرج) ثم تفرقت الصحابة رضوان الله تعالى عنهم في النواحي والأمصار والثغور وفي فتوح البلدان والمغازي والإمارة والقضاء والأحكام فبث كل واحد منهم في ناحية وبالبلد الذي هو به ما وعاه وحفظه عن رسول صلى الله عليه وسلم وحكموا بحكم الله عز وجل وأمضوا الأمور على ما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفتوا فيما سُئلوا عنه مما حضرهم من جواب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظائرها من المسائل وجردوا أنفسهم لتعليم الناس الفرائض والأحكام والسنن والحلال والحرام حتى قبضهم الله عز وجل رضوان الله ومغفرته ورحمته عليهم أجمعين. 

التابعون رحمهم الله تعالى
فخلف من بعد الصحابة التابعون الذين اختارهم الله عز وجل لإقامة دينه وخصهم بحفظ فرائضه وحدوده وأمره ونهيه وأحكامه وسنن رسوله صلى الله عليه وسلم وآثاره فحفظوا عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نشروه وبثوه من الأحكام والسنن والآثار وسائر ما وصفنا الصحابة به رضى الله تعالى عنهم فأتقنوه وعلموه وفقهوا فيه فكانوا من الإسلام والدين ومراعاه أمر الله عز وجل ونهيه بحيث وضعهم الله عز وجل ونصبهم له إذ يقول الله عز وجل: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة : 100]
 فعن قتادة: قوله عز وجل والذين اتبعوهم بإحسان التابعين.
فصاروا برضوان الله عز وجل عنهم وجميل ما أثنى عليهم بالمنزلة التي نزههم الله بها عن أن يلحقهم مغمز أو أن تدركهم وصمة.
ولأنهم البررة الأتقياء الذين ندبهم الله عز وجل لإثبات دينه وإقامة سنته وسبله فلم يكن لاشتغالنا بالتمييز بينهم معنى إذ كنا لا نجد منهم إلا إماماً مبرزاً مقدماً في الفضل والعلم ووعي السنن واثباتها ولزوم الطريقة ـ رحمة الله ومغفرته عليهم أجمعين ـ

أتباع التابعين رحمهم الله تعالى
ثم خلفهم تابعوا التابعين وهم خلف الأخيار وأعلام الأمصار في دين الله عز وجل ونقلة سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحفظتها ومتقنيها والعلماء بالحلال والحرام والفقهاء في أحكام الله عز وجل وفروضه وأمره ونهيه فكانوا على مراتب أربع مراتب الرواة فمنهم الثبت الحافظ الورع المتقن الجهبذ الناقد للحديث فهذا الذي لا يُختلف فيه ويُعتمد على جرحه وتعديله ويُحتج بحديثه وكلامه في الرجال ومنهم العدل في نفسه الثبت في روايته الصدوق في نقله الورع في دينه الحافظ لحديثه المتقن فيه فذلك العدل الذي يحتج بحديثه ويوثق في نفسه ومنهم الصدوق الورع الثبت الذي يهم أحياناً وقد قبله الجهابذة النقاد فهذا يحتج بحديثه ومنهم الصدوق الورع المغفل الغالب عليه الوهم والخطأ والغلط والسهو فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب والزهد والآداب ولا يحتج بحديثه في الحلال والحرام وخامس قد الصق نفسه بهم ودلسها بينهم ممن ليس من أهل الصدق والأمانة ومن قد ظهر للنقاد العلماء بالرجال أولى المعرفة منهم الكذب فهذا يُترك حديثه ويطرح روايته الأئمة.

فمن العلماء الجهابذة النقاد الذين جعلهم الله علماً للإسلام وقدوة في الدين ونقاداً لناقلى الآثار من الطبقة الأولى بالحجاز مالك بن أنس وسفيان بن عيينة وبالعراق سفيان الثوري وشعبه بن الحجاج وحماد بن زيد وبالشام الأوزاعي : قال عبد الرحمن بن مهدي: أئمة الناس في زماننا أربعة سفيان الثوري بالكوفة ومالك بالحجاز والأوزاعي بالشام وحماد بن زيد بالبصرة . . وقال عبد الرحمن بن مهدي ايضاً: شعبة بن الحجاج إمام في الحديث .  ويقول الحجة على المسلمين الذين ليس فيهم لبس سفيان الثوري وشعبه وحماد بن زيد وسفيان بن عيينة وبالشام الأوزاعي فمنهم بالمدينة مالك بن أنس بن أبي عامر أبو عبد الله الأصبحي.